جوازة نت بقلم منى لطفى
المحتويات
دلوقتي
فتحت الحقيبة البلاستيكية التى بحوزتها وناولت ابنتيها علبتي عصير وبعض الشطائر الخفيفة والتي سبقت أن أعدتها أمها لها ألقت
بنظرة خاطفة الى سيف ثم مدت يدها اليه بشطيرة وعلبة عصير نظر اليها بلمحة سريعة ثم أعاد انتباهه الى الطريق قائلا بجمود
ماليش نفس يا منة كلي إنتي والبنات
لم تستطع منة التزام الصمت وأصرت عليه قائلة
رماها بنظرة سريعة قبل ان يتساءل بهدوء
وانتي يا منة تطلعت اليه بحيرة فتابع
محتاجالي لم تحر منة جوابا ففضلت الصمت في حين زفر سيف زفرة عميقة ثم مد يده اليها متناولا الشطيرة ليقضمها فيما فتحت له علبة العصير ليحتسيها أشار اليها برأسه مغيرا سير الحديث
وصلوا بعد رحلة قاربت الخمس ساعات اتجهوا رأسا الى المشفى حيث والده وكان قد علم عنوانها من سمية شقيقته عندما هاتفها وهم في الطريق الى البلدة
صعد سيف الى الطابق حيث غرفة الرعاية المركزة بعد أن سأل في استقبال المشفى الخاص يرافقه زوجته وابنتيه ما ان وصلوا الطابق المنشود حتى علمت منة أنه الطابق الصحيح فقد شاهدت عددا غفيرا من الرجال يتجمع في ممر الطابق ولاحظت تواجد شقيقات سيف اللاتي يجلسن بجوار والدتهن المتشحة بعباءتها السوداء بينما يلتف وشاحا أسود اللون حول رأسها وتجلس مطأطأة برأسها الى الأسفل بينما تضع يدها على رأسها ومنظرها يوحي بحزن قوي
لحضوره الموجودون فسارعوا بالقاء التحية عليه احترمت منة طريقة استقبالهم لسيف فمع أنه مؤكد أنهم يعلمون ولو بضع معلومات بسيطة عن سبب سقوط كبيرهم صريع المړض ولكنهم لا يملكون سوى احترام الإبن فهو ابن كبير بلدتهم وأمره فيهم مطاع واحترام ولده من احترامه هو
شوفت اللي حوصل يا سيف يا ولدي بوووك ۏجع مرة واحدة يا ولدي أنا مجدرش أصدج لدلوك اللي حوصل
ربت سيف على رأسها مهدئا إياها وهو يقول راغبا ببعث الطمأنينة في نفسها طمأنينة هو أبعد ما يكون عنها
الټفت شقيقاته حوله وهن يبكين حتى سلمى كانت معهم والتي طردها زوجها بعدما علم بأمر سيف فهو شقيقهم الوحيد وعزوتهم ولم يستطعن تصديق ما سمعنهن بل هن على يقين من أن هناك سر مخفي وأن سيف سيزيح النقاب عنه ليضع كل فرد لسانه داخل فمه وليعلم الجميع ان إبن عبدالهادي ليس من يقوم بهذه الافعال الشائنة المعيبة
الوالد حالته حرجة أوي للأسف الضغط ارتفع عنده أوي وهو دا سبب اللي حصل له
سيف برجاء
أرجوك يا دكتور صارحني والدي عنده إيه بالظبط
الطبيب متنهدا بعمق وهو يربت براحته على كتف سيف
للأسف الوالد اتعرض لأزمة قلبية حادة احنا هنعمل قسطرة وربنا يسهل ونشوف نتيجتها هتبقى ايه المهم انه مافيش أي انفعال من أي نوع علشان كدا أنا مانع عنه الزيارة خالص حالته ما تستحملش أي انفعال سواء زعل أو فرح ثم قطب متسائلا
صحيح الحاج بيسأل على واحده من بناته وما بطلش يندهلها
قطب سيف متسائلا
مين من اخواتي يا دكتور
الطبيب بتلقائية
أعتقد منة كان بينادي طول ما هو في نومه عليها
شحب وجه سيف وأغمض عينيه بشدة ليفتحهما على اتساعهما محدقا بقوة أمامه وهو يكرر عبارة الطبيب
منة ثم الټفت الى الطبيب مستفهما
هي ممكن تدخل له سكت الطبيب قليلا ثم نظر اليه قائلا بهدوء
هو المفروض لأ لكن بما انه ما بطلتش ينادي عليها من ساعة ما جه فأعتقد انها ممكن تدخل له بس مش أكتر من 5 دقايق ويا ريت ما تتعبوش في الكلام تدخل تبص عليه وبس
اتجه سيف حيث منة وشقيقاته ووالدته وأشار لمنة التي قامت متجهة إليه بينما أخذت سميحة شقيقته البنتان قائلة أنها ستذهب لشراء الحلوى لهما من كافتيريا المشفى سارت منة الى سيف ووقفت أمامه متسائلة
خير يا سيف فيه حاجه نظر اليها سيف بغموض قبل أن يشيح برأسه مجيبا
الحاج عاوز يشوفك وانا استأذنت من الدكتور انك تدخلي له 5 دقايق بس
منة
بدهشة وحيرة
وانت مش هتدخل معايا
أشاح سيف بنظره بعيدا وأجاب بجدية تخللتها نبرة حزن وأسف
أنا بالذات مش لازم يشوفني دلوقتي خالص انتي ناسية ان الدكتور مانع عنه الانفعالات
هزت منة رأسها لأعلى وأسفل وتقدمته حتى غرفة الرعاية حيث أعطتها الممرضة المسؤولة كمامة للأنف لترتديها
تقدمت منة الى الداخل بينما انتظرها سيف خارج الغرفة اتجهت الى الرجل الكبير الراقد فوق فراش المړض تحيط به الخراطيم ويوصل انبوب للتنفس بأنفه مدت يدا ترتعش لتلمس يده الموصول بها الأنبوب المغذي وترقرقت الدموع في عينيها فهي لا تصدق ان هذا الصرح الشامخ راقدا الآن أمامها فوق فراش المړض لا حول له ولا قوة مالت على ظهر يده لتقبلها وهى تقول بخفوت
ألف لا بأس عليك يا حاج إن شاء الله أجر وعافية وهتقوم لنا بالسلامة قريب بإذن الله
ارتعشت جفونه قبل
أن يفتحها بضعف فأضحت الصورة مهتزة أمامه ثم تحدث بصوت بالكاد يخرج منه
من منة بتي شهقت منة عاليا ورفعت رأسها لتطالعها عيناه المتعبتان وهما تطالعانها بوهن هتفت منة بصوت باك
ألف لا بأس عليك يا حاج ما تجهدش حضرتك نفسك في الكلام الدكتور طمنا ان شاء الله خير
ابتسم عبدالهادي ابتسامة خفيفة وتحدث بصوت واهن متقطع
اللي يريده ربنا هيكون يا بتي أني عاوزك تسمعيني منيح أني مش هسيب حجك واصل اللي عمله فيكي هرجعلك حجك منيه تالت ومتلت
ابتسمت منة وقالت وهي تربت على يده
قوم لنا إنت بالسلامة الأول يا حاج وبعدين سيف معملش حاجه سيف ابنك يا حاج عمره ما هيعمل حاجه تزعلك منه
نظر اليها عبدالهادي نظرات لوم وعاتبها قائلا بصوته الضعيف
بتكدبي علي يا بتي إنت فاكراني مش هجدر أعرف إذا كان عمل صح ولا معملش
نظرت منة الى البعيد وهى تجيب داعية الله في نفسها أن يغفر لها كذبتها فهي لا تريد إلا رأب الصدع بين حماها وإبنه وأن يشفى من محنته تلك فهي ابدا لن تكون المعول الذي يهدم ترابط هذه الأسرة ويجعل قائدها ينهار كما حدث اجابت منة بابتسامة صغيرة
يا حاج الكلام اللي وصلك وعرفناه من سمية دا مش مظبوط قوم حضرتك بالسلامة واحنا هنفهمك كل حاجه وعلى فكرة بقه سيف واقف بره مقعدش من ساعة ما جينا الخبر جالنا واحنا في اسكندرية وجينا على هنا على طول وما ريحش ثانية واحده في السكة ولما الدكتور سمح اننا ندخل هو رفض خاف عليك أحسن تنفعل لما تشوفه
سأل عبدالهادي
انتو جيتو من اسكندرية مش من مصر
إلتقطت منة تردده وانتهزت الفرصة لتعضد كلامها السابق واجابت ببراءة مزيفة
آه احنا سافرنا يومين اسكندرية نغير جو فرصة احمد اخويا هنا في اجازة والخبر جالنا انهرده الصبح واول ما عرفنا جينا على طول حتى بابا وماما كانوا عاوزين ييجوا معانا بس للاسف المشوار من اسكندرية لهنا طويل شوية وماما مش هتقدر تركب المسافة دي كلها بس أول ما ينزلوا القاهرة ان شاء الله هييجوا يسلموا على حضرتك على طول
تقصدت منة أن تخبره برحلتهم الى الاسكندرية فمعنى ذلك أن حياتهما سوية تسير بشكل طبيعي بدليل سفرهم الى الاسكندرية بصحبة أهل زوجته فلو كان ما سمعه صحيح لم تكن عائلتها لتسمح له بالاقتراب من ابنتهم ثانية او الاجتماع بهم في أي أمر هي إذن لم تكذب بالفعل هي سافرت برفقة ذويها وهو سافر بمفرده ولكنها فقط خبأت عنه أن كلا منهما قد سافر بمفرده وان سفر سيف للاسكندرية كان بقصد اقناعها بالعودة اليه كل هذا لا يهم ما يهم الان أن يشفى هذا الأب العظيم وبعد ذلك لكل حاډث حديث
قطب عبدالهادي وتحدث في ريبة
الحديت ديه صح يا بتي انتو كلاتكم كنتو في اسكندرية سوا
أقسمت منة قائلة
والله العظيم يا حاج كلنا كنا في اسكندرية انا وبابا وماما واحمد ومراته وبنته ومعايا البنتين وسيف كمان
ولم تستطع سوى قول ذلك فهذه مهما كانت هي الحقيقة وهي لن تؤثم فهي لم تقسم بالله زورا وبهتانا لقد أقسمت على تواجدهم جميعا في الإسكندرية وهذا ما حدث بالفعل
تنفس عبدالهادي بعمق وأغلق عينيه وهو يعلق بصوت ضعيف وان كانت الابتسامة قد ارتسمت على وجهه عميقا
ربنا يطمن جلبك زي ما طمنتيني يا بتي أجوم بس من وعكتي دي وأني أعرف مين إبن الفرطوس اللي جال الحديت العفش ديه على ولدي
أجابت منة بابتسامة
انت بس شد حيلك وقوم لنا بالسلامة واللي عايز تعمله كله اعمله بس علشان خاطرنا خلي بالك من نفسك يا حاج انت ضهرنا وسندنا قوم لنا بسرعه يا حاج
خرجت منة من غرفة الرعاية وأغلقت الباب خلفها لتستند بكتفها اليه وقد أغلقت عينيها زافرة بعمق إعياءا انتبهت الى صوت سيف الهامس بجانبها ونبرة القلق تطغى على صوته
خير يا منة طمنيني
فتحت عينيها لتنظر اليه مجيبة بابتسامة شاحبة
الحمدلله اطمن
يا سيف انا سايبه الدكتور معاه دلوقتي وان شاء الله خير عمي هيقوم لنا بالسلامة بإذن الله
خرج الطبيب المعالج ونظر اليهما ابتسم
بأبوة وقال لهذا الشاب الذي لم يجلس دقيقة واحده منذ وصوله الى المشفى قلقا على حالة والده الصحية
اطمن والدك تقريبا عدى المرحلة الحرجة نظر الى منة الواقفة تستند بضعف الى الحائط خلفها وتابع بابتسامة
تقريبا آنسة منة ليها الفضل بعد ربنا سبحانه وتعالى في تحسن حالته الواضح دا واضح جدا انه بيحبها أوي وتقريبا كلامها معاه الدقايق دي كان له مفعول السحر اللي مقدرتش كل أدويتنا أو معداتنا تعمله هي بفضل الله عملته وفي اقل من عشر دقايق
نظر سيف الى منة بشكر وقال
أصل حضرتك متعرفش غلاوتها عندنا كلنا قد إيه وهي بالذات ليها عند الحاج معزة
متابعة القراءة