جوازة نت بقلم منى لطفى

موقع أيام نيوز

رفعت منة نظراتها لتفاجأ بسيف يقف مطالعا لها كان هناك لطخة من الطحين فوق وجنتها واخرى فوق جبينها لم تنتبه لها وقف سيف يطالعها وهو عاقد ساعديه أمامه هتفت بحبور
سيف صباح الخير التفتت والدته له وقالت وسط ابتسامة عريضة ملأت وجهها
صباح الخيرات يا ولدي 
اتجه سيف الى أمه مقبلا اياها على
راسها وظهر يدها وقال بابتسامة
صباح النور يا أم سيف 
ثم الټفت الى زوجته واتجه ناحيتها واحاط كتفيها بذراعه ومال مقبلا وجنتها قائلا بابتسامة
صباح الورد يا منة ومسح باصبعه اللطخة التي تلون وجنتها فاصطبغت وجنتا منة باللون الاحمر فيما ضحكت والدته قائلة
احتشم يا باشي مهندز جودامي كمان و قال سيف وهو يحتضن كتفي منة بذراعه بلكنته الصعيدية
به مرتي يا أماااي إتوحشتها جوووي جووووي وكزت منة سيف في خاصرته بينما صدحت ضحكات والدته التي قالت
ماشي يا عريس اتفضل انت بجه من إهنه واحنا هنحضر لك الفطور حالا 
نظرت منة الى سيف وقد تناست خجلها وقالت بلهفة بينما عينيها تمتلئان سعادة
انا اللي هحضر الفطار عمتي علمتني ازاي ألت وأعجن بصراحه انا نفسي من زمان أتعلم اللت والعجن وانهرده لتيت وعجنت 
لم يستطع سيف تمالك نفسه وصدحت ضحكته عاليا وقال
يا سلام لتيت وعجنت قصدك لعبت 
عبست منة في وجهه بطفولية بينما دافعت عنها والدته قائلة
لاه يا سيف يا ولدي ماليكش حج واصل حتى الحاج لما داج الخبز من تحت يدها جال انه مظبوط وكانها مش اول مرة تلت وتعجن 
نظرت اليه منة وقالت باغاظة
ربنا يخليه ليا بابا الحاج دايما رافع معنوياتي مش بيكسر مجاديفي زي ناس 
طالعها سيف بنظرة متوعدة بينما طرته والدته من المطبخ ضاحكة وهي تقول
ياللا يا باشي مهندز روح اجعد في البرانده على ما نحضر لك الفطور 
وانتهت أيام شهر العسل وعادا كلا من منة وسيف الى العمل كانا يذهبان سوية في الصباح وتعود منة بمفردها اذا تأخر سيف في العمل وكان الامر لا يخلو من بعض المشاحنات كأي زوجين حديثا العهد بالزواج ولكن حبهما كان يتغلب على أية خلافات 
كان قد مر 6 أشهر على زواجهم عندما بدأت منة تستشعر القلق لعدم حصول حمل كانا في زيارة خاطفة لعائلة سيف عندما سمعت والدته تحادثه بهذا الأمر صدفة وكان جواب سيف قاطعا في هذا الشأن أنهما لا يزالان في بداية حياتهما وأن هذا الأمر بيد الله هي لا تنكر أنها تحب حماتها والأخرى تبادلها المحبة ولكنها أولا وأخيرا أم وتريد رؤية أحفادها خاصة وأن سيف هو الولد الوحيد حتى كان ذات يوم 
عادت من يومها من العمل مبكرا دخل سيف المنزل وهو يناديها واغلق الباب خلفه توجه الى المطبخ فلاحظ ان السكون يسوده اتجه ناحية غرفة النوم وما ان اقترب حتى سمع صوت تأوهات تصدر من داخل اغرفة فتح الباب سريعا ونظر في ارجاء الغرفة ليجدها فارغة ثم لفت انتباهه ان الصوت صادر من الجمام الملحق بالغرفة اتجه من فوره اليه طرق الباب مناديا منة سمع صوت تأوهاتها نادى بالحاح قائلا
منة منة حبيبتي افتحي الباب انتظر ثوان مرت عليه وكأنها دهر قبل ان تفتح منة الباب لترتمي على صدره من فورها ليتلقفها سيف بين ذراعيه بهلع وقد هاله منظر شحوب وجهها الواضح وهتف
منة حبيبتي لتهوى فاقدة الوعي بين ذراعيه 
طمني يا دكتور عندها ايه سأل سيف الطبيب الذي هاتف أحمد لإحضاره ابتسم الطبيب المسن وقال وهو يناول سيف ورقة مكتوب عليها بعض الكتابات باللغة الانجليزية
أنا كتبت لها هنا بعض التحاليل علشان تعملها مش هقدر أوصف لها أي أدوية الا لما نتيجة التحاليل تطلع 
شعر احمد بقلق سيف وبادر بسؤال

الطبيب
خير يا دكتور حضرتك شاكك في حاجه معينة
ليبتسم الطبيب بينما سيف يتحرق قلقا بانتظار الاجابة
ما تقلقوش كدا كل الحكاية انه فيه احتمال بنسبة كبيرة جدا ان المدام تطلع حامل عموما التحاليل هتوضح لنا 
تسمر سيف في مكانه بينما تهلل وجه احمد وقال وهو يخبط سيف بمرح فوق ظهره
مبروك يا أبو نسب والله وهتبقى أب وهبقى خال 
نظر سيف الى احمد قائلا بغير تصديق
أب وما لبثت أساريره أن أشرقت واتجه من فوره الى منة بينما ابتعد احمد لمهاتفة أمه 
دخل سيف الى منة الجالسة في وسط الفراش مال عليها مقبلا يديها وقال بحب
حامل يا منة احمر وجهها وقالت
الدكتور سألني شوية أسئلة كدا وقاللي انه 90 حمل بس بردو نعمل التحاليل علشان نتأكد 
هتف سيف بلهفة
من النجمة هاخدك ونعمل التحاليل 
وظهرت نتيجة التحاليل ايجابية 
مرت الشهور على ابطالنا منة وسيف حبهما يقوى مع مرور الايام وان كان الامر لا يخلو من بعض المناوشات والشجارات الخفيفة ولكن حب منة لسيف كان يجعلها لا تقوى على خصامه كثيرا كما كان عشق سيف لمنة لا يجعله يقوى على رؤيتها حزينة فكان يسارع لمصالحتها 
نشوى ومدحت تزوجا ولكن عانت نشوى الأمرين من غيرة مدحت المفرطة وما زاد الطين بلة أنه قد ثبت لديها أن مدحت يعاني من مرض الانفصام في الشخصية وهذا المړض للاسف لا يظهر بوضوح على المړيض فمن يراه أو يجلس معه يكاد يجزم أنه سليم مائة بالمائة ولكن من يحتك به هو
من يلاحظ علامات غريبة عليه هي علامات هذا المړض 
تزوج احمد وايناس وأتى والد ايناس لأحمد بعرض مغر في البلد العربي التي يعمل بها هو ووالدتها وقرر احمد خوض التجربة والسفر فاقتصر العمل على سيف وعمر ومنة وسحر بعد ان تركت نشوى العمل نزولا عند رغبة مدحت والذي قد اصطنع شجارا مع سيف في آخر زيارة له لنشوى مصطحبا اياها في العودة فكان غيورا كثير الشك بها 
انقطعت اخبار غادة بعد الانتهاء من العمل الموكل لمكتب سيف 
اقترب موعد ولادة منة وتقرر مكوثها عند والدها لحين ولادتها كان سيف يذهب اليها يوميا بعد العمل الذي امتنعت عنه منة بأمر من سيف نفسه خوفا عليها ولم تكن منة قد علمت جنس المولود رغبة منها لجعلها مفاجأة 
جاء يوم الولادة حيث فاجأت منة آلام المخاض فجرا اتصلت عواطف بسيف الذي جاء راكضا على جناح السرعة حيث كان يقود سيارته على السرعة القصوى قاطعا جميع الاشارات 
وضعت منة مولودها بصورة طبيعية بعد مخاض طويل وصعب كاد سيف خلاله أن يفتك بالطبيب بل وبطاقم التمريض بأكمله 
جاء والدا سيف على جناح السرعة عندما علم بولادة منة التي انتقلت الى غرفة خاصة بينما تم ايداع المولودتين في غرفة المواليد الخاصة بهم فكانت المفاجأة ان المولود لم يكن واحد بل اثنين أو بمعنى أدق إثنتين بنتين آية في الجمال وقد أسماهما سيف بعد شجار طويل مع منة والتي أصرت على تسميتهما بنفسها كانا في غرفتها بالمشفى ومعهما عائلتها ووالدي سيف عندما اعترضت منة قائلة
يعني أنا أتعب ويطلع روحي وانت تاخد على الجاهز قال سيف بضحك
يا سلام نظرت اليه منة وسط ابتسامات الموجودين المتابعين للجدل الدائر امامهم بمرح أجابت منة بحنق
ليه ان شاء الله مين اللي شالهم في بطنه 9 شهور مش انا ومين اللي شاف المۏت بعينيه وهو بيولدهم مش انا تقدر تقوللي حضرتك تعبت في ايه نظر اليها سيف الجالس بجوارها على الفراش بخبث ومال عليها هامسا بمكر كي يضمن عدم سماع الباقين له
أقولك تعبت في ايه وما تزعليش ايه هتعملي زي القطط تاكي وتنكري بقه أنا متعبتش طيب عيني في عينك كدا دا كان تعب ومجهود كبير كمان قطبت منة قليلا محاولة فهم مقصده وما لبثت ان فهمت ما يرمي اليه وهى ترى غمزته الماكرة له كتمت شهقة غيظ ثم أشارت اليه باصبعها ليقترب منها ومالت على أذنه هامسة بكلمة واحده جعلته يفغر فاه دهشة ويفتح عينيه على وسعهما ثم هتف دهشة
منة انت بتقولي ايه قالت منة بهدوء وجدية
اللي سمعته حضرتك وربنا ما يترد على كلامك الا بالكلمة دي 
قال سيف بأسف زائف وهو يحرك رأسه يمينا ويسارا
لا لا يا منة انت بئيتي أم دلوقتي فيه أم تقول الألفاظ دي بردو إنت اخلاقك اتغيرت خالص 
لتجيبه منة بذات الهدوء والثقة
من عاشر القوم حضرتك تربيتك 
ليتعالى صوت والد سيف بضحك
انتم عمالين تتحدتوا بصوت اصغير ليه خلاص يا سيف أم البنات جالت هي اللي عتسمي يبجى هي اللي عتسمي 
نظر سيف اليها قائلا بحنق مفتعل
افهم انت عملت ايه في الحاج خليتيه ما يرضاش عليك الكلمة حتى نظرت اليه بغرور قائلة
سر المهنة يا بابا كواليتي يا فندم كواليتي 
وتعالت الضحكات ولكن نفذ سيف رغبته وأسمى ابنتيه هنا و

فرح 
ركضا كلا من هنا وفرح ذوات الثلاث سنوات هربا من أمهما التي أتت محاولة انقاذ الحاسوب الشخصي لسيف من بين براثن ابنتيها الشقيتين فهي تعلم أن سيف يحتفظ عليه بعمله كاملا جلست امام الحاسوب وهى تتوعدهما قائلة
ماشي يا هنا انت وفرح انا هكلم بابا أخليه ما يجيبش الشوكولاته اللي بتحبوها زي كل يوم ثم انتبهت الى شاشة الحاسوب امامها وهى تقول
غريبة أول مرة ينسى اللاب مفتوح هقفله علشان الزئرديتن دول ما يلخبطوش حاجه في الشغل بتاعه 
ما ان همت منة بضغط ازرار الحاسوب لغلقه حتى تراءى لها أسما غريبا في قائمة الاصدقاء لدى زوجها في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك والذي من الواضح أن سيف قد سهى عنه وتركه مفتوحا قطبت مندهشة من الاسم لا تعلم أي هاجس أسر لها بفتح صندوق الرسائل الواردة لتفاجأ بزلزال يهدم حياتها الهادئة مطوقا اياها تحت أنقاض حبهما الذي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة أمامها وهي تقرأ شهادة ۏفاته المتمثلة في بضع عبارات تربط بين حبيبها وأخرى لتعلنهما زوجا وزوجة في جوازة نت 
لحلقة العاشرة
لم تعلم منة كم مر من الوقت وهي على حالها أمام جهاز الحاسوب الشخصي الخاص بسيف كانت كالتمثال في مكانها لا تنظر الى أي من بنتيها اللتان ركضا اليها مطالبينها باللعب معهما كانت نظراتها شاخصة على الكلام الظاهر أمامها في الشاشة وكأنها استحالت الى صنم لا شيئ يظهر
أنها كائن حي سوى دمعة وحيدة يتيمة نزلت من عينها لتلمع على وجنتها القشدية 
انتبه البنتان إلى صوت قفل الباب ثم خطوات أبيهما وهو ينادي بلهفة كعادته دائما
هنايا فرحي منايا انتو فين يا أغلى حاجه عندي 
دائما ما كان ينادي بناته بذلك فقد أسر لمنة أن سبب تسميته لهما بهنا وفرح أنهما هنائه وفرحه أما هي ف مناه 
دخل سيف الى غرفة الجلوس ليشاهد طفلتيه مفترشتين أرض غرفة الجلوس يلعبان بدماهما اقترب منهما ولم يكن قد انتبه بعد الى تلك القابعه خلف حاسوبه الشخصي وكأنها تمثال من الشمع 
مال فوق طفلتيه وقال بابتسامة
حبايب بابا بيعملوا ايه نظرتا اليه وقد ارتسمت ابتسامة
تم نسخ الرابط