كاليندا بقلم ولاء رفعت

موقع أيام نيوز

أنا كلمت أخويا وقالي بيتي مفتوح في أي وقت وفرح جامد.
تفوهت زينب دون أن تدرك فداحة سؤالها الأحمق
_وياتري قولتله إيه سبب الزيارة والمفروض كلهم عارفين إنها كانت هاتتجوز بعد أسبوع
زفر بضيق من حماقتها المتسرعة فأجاب
_قولتله محصلش نصيب عادي يا زينب دول بيبقو في يوم الفرح وبتحصل مشكلة تافهة وكل واحد بيروح لحاله وبنتنا لسه صغيرة أنا بس اللي أستعجلت لما وافقت علي موضوع الخطوبة والجواز ياريتني كنت أستنيت لحد ما تخلص تعليمها زي ما أهل المدينة بيعملوا.
_الحمدلله جت علي قد كدة أنا أهم حاجة عندي بنتي تبقي كويسة وبكررها لك يا محمد أنا هاسيبك تنفذ اللي في راسك وتوديها عند أخوك بس والله لو بنتي حد جرحها بنظرة بس هناك لأسافر لهم أنا بنفسي ولا يهمني أنهم أخواتك ولا أهلك.
_ عشان ساعتها أرمي عليكي اليمين.
قالها بتحدي فاتسعت عينيها پصدمة لم يدع لها مجال الرد فغادر الغرفة حتي يستنشق الهواء ويكظم غضبه الذي لو أطلقه سيحدث ما لا يحمد عقباه.
_علي جمب ياسطا الله يخليك.
قالتها سحر لسائق سيارة الأجرة الذي ترجل لمساعدتها هي و ابنتها إسراء في نزول الحقائب المحملة من كل جميع أنواع الفواكه والخضار واللحوم.
وبعد أن أفرغ سيارته من الحقائب سألها
_تؤمري بحاجة تانية يا خالتو أم أحمد
أجابت وهي تخرج أوراق من المال من حقيبة نقودها
_ما يأمرش عليك ظالم يابني تسلم يا حبيبي أتفضل.
وضع يده علي صدره وقال بحسم
_وربنا أبدا يا خالتي ده أنتي في مقام أمي و أحمد أخويا عيب كده.
_يابني دي لقمة عيشك وأنا ما يرضنيش كفاية تعبناك و خليناك تلف معانا من الصبح عقبال ما أشترينا الحاجات.
_أبدا يا خالتي ولا تعب ولا حاجة.
قالها مبتسما وعينيه لا تفارق إسراء الشاردة في الفراغ مقطبة حاجبيها.
وبعد الشكر والسلام طرقت باب المنزل فتحت لها مجيدة الباب بترحاب وحبور
_يا مرحب يامرحب بت يا مروة تعالي شيلي عن مرات خالك يابت.
ركضت مروة تلك الفتاة ذات التاسعة عشر عاما إلي زوجة خالها وقامت بمساعدتها في إدخال الحقائب وتبادل القبلات والعناق وقدمت إليهم مجيدة كل ما لذ وطاب في وجبة فطور شهية و يعقبها مشروب الشاي الساخن ويتبعه الفاكهة والتسالي.
_تسلم إيدك يا مجيدة ياختي.
قالتها سحر فأجابت الأخرى بسعادة بالغة
_دي حاجة بسيطة يا أم أحمد ويجي إيه في اللي محملاه مكنش ليه لزوم إحنا أهل مش أغراب.
_ده عشان الغالية مروة تاكل وتتهني وبعدين ده كله من خير أخوكي.
_ربنا يخليه ويبارك لنا فيه.
_يارب بصي بقي إحنا أكلنا وشربنا الشاي وحلينا نيجي بقي للكلام المهم واللي جايلك مخصوص عشانه.
نظرت مجيدة إلي إبنتها التي كاد يخرج من جانبيها جناحان من فرط السعادة لتوبخها والدتها أمام زوجة خالها وابنتها
_شوفي البت اللي معندهاش ډم خشي جوه يا بت.
_فيه إيه يا مجيدة بتزعقي لها ليه خليها قاعدة تعالي أقعدي جاري يا مروة.
نظرت الأخرى إلي والدتها تنتظر الأذن فرمقتها الأخرى بتوعد وقالت من بين أسنانها
_قومي فزي اسمعي كلام مرات خالك.
نهضت وذهب لتجلس بجوارها ربتت سحر علي فخذها وقالت
_ده أنا هابقي أمها التانية إن شاء الله.
ابتسمت مروة بخجل فقالت والدتها قبل أن تكمل سحر حديثها
_قبل ما تقولي اللي أنتي عايزاه هو اللي سمعته عن خطيبة ابنك ده صح وعشان كده سابها.
تلون وجه الأخرى بالحمرة من الغيظ
_كانت خطيبته وأهي راحت لحالها ربنا يسهلها ويسترها علي ولايانا.
لوت الأخرى شفتيها جانبا وقالت
_ما هو عشان المحروس ابنك عامل زي القرع بيمد لبره.
_ما خلاص يا مجيدة أهو عرف غلطته وأدينا جينا لك نطلب إيد مروة لأحمد وياريت الأسبوع الجاي هيبقي شبكة وكتب كتاب والاتفاقات ما تحمليش همها ابني شقته زي ما شوفتيها والموبيليا كلها عمولة خشب زان أصلي ده غير النجف في كل الأوض والريسبشن وتكيفات وعلقنا الستاير وأشترينا المراتب و السجاد تيجي تنقيه العروسة بنفسها وعشان عارفه ظروفك خصوصا بعد ۏفاة أبو مروة الله يرحمه أنا كنت عاملة جمعية علي جمب كده هديها لأحمد يجيب المطبخ و الأجهزة الكهربائية و الفرش عليكي أنتي شنطة هدومها بس ها قولتي إيه
انبلجت السعادة والفرحة العارمة علي محياها فأجابت
_هو فيه بعد قولك كلام يا مرات أخويا بنتي بنتك ومش هاتروح لحد غريب أنتي أمها وخالها أبوها و إبن أخويا شاب ماشاء الله عليه كان متربي علي أيدي.
_وبكده نقول مبروك ونقرأ الفاتحة.
_نقرأ الفاتحة من غير أخويا وابنه العريس
_دي فاتحة محبة يا مجيدة لأن المرة الجاية هاتبقي فاتحة وشبكة وكتب كتاب.
_اللي تشوفيه عقبالك يا إسراء يا حبيبتي.
كانت شاردة وكل ذهنها في صديقتها وحالها الذي يرثي له لكزتها والدتها في ذراعها
_ما تردي علي عمتك يا بت.
انتبهت إليهم فقالت
_تسلمي ياعمتو وألف مبروك.
انطلقت الزغاريد من فاه سحر و تبعتها شقيقة زوجها بعد قراءة سورة الفاتحة.
توالت الأيام وكأنها سنين في مضيها وكان الحال لا يتغير مازالت في حالة سكون لا تتكلم لا تريد رؤية أحد بل تقوقعت

في عزلتها حتي جاء اليوم التي تعالت فيه الزغاريد من منزل عائلة كامل حماها سابقا فوصلت إلي أذنيها نهضت في لمح البصر بعد أن خفق قلبها ولا تعلم ما السبب وكيف لا يخفق و صاحب القلب الوحيد الذي أحبه يستعد الآن للذهاب إلي عروسه الجديدة يرتدي حلة سوداء وفي أبهي هندامه لكن عينيه مثل صحراء خاوية من الحياة جرداء من أي مصدر للحياة كأنه مجبر وليس مخير وبرغم اعتراضه في بادئ الأمر علي قرار والديه لكن اعتراضه قوبل بالأمر الحازم وألا سوف يغضبون عليه وكانت حجتهم الواهية إنهما يريدان مصلحته وزيجته من ابنة عمته سينسيه ألف شمس و غيرها.
وقفت خلف الستار بعد أن أطفأت الأنوار و يا ليتها ما وقفت ولا شاهدت أو سمعت ها هو يخرج من باب المنزل يحمل باقة من الزهور في يده ووالديه وشقيقته يرتدون ثياب خاصة بالإحتفال و قد وضحت الرؤية عندما خرج الجيران لتهنئتهم فقالت إحداهن
_ألف مبروك يا أم أحمد لإسراء.
أجابت سحر بنفي
_لاء دي مش إسراء عقبال عندكم أحمد ابني رايح يخطب بنت عمته وكتب كتابه عليها الليلة دي عقبال عيالكم.
وبعد أن تبادلن النسوة نظرات التعجب فأجابت السيدة
_الله يبارك فيكي يا ختي ويتمم له علي خير وتكون جوازة الهنا إن شاء الله.
أحمد! عقد قران علي ابنة عمته! كيف ومتي هل لهذا الحد يريد أن يمحوها من حياته!
هذه الأسئلة التي دارت في عقلها للتو مما جعل احتراق قلبها يزداد ضراوة حتي أصبح كالرماد في مهب ريح عاتية تبعثر ذراته بكل قوتها غير مكترثة.
كفي كفاني ألما وجراحا أريد الابتعاد عن هذا الجو الملوث بالنفوس البغيضة.
أوصدت النافذة كما أوصدت أبواب فؤادها المتهالكة ثم قامت بتجفيف عبراتها التي انهمرت رغما عنها فخرجت لتجد والدها يجلس أمام التلفاز يتصفح جريدة ورقية ووالدتها تحتسي كوب من الشاي وتشاهد مسلسلها المفضل.
_ بابا أنا عايزة أسافر.
قالتها بنبرة يعلم والدها أن هناك خطب ما خلف قرارها دون أي نقاش
أجابت والدتها وهي تترك الكوب أعلي الطاولة
_وليه الاستعجال ده أستني يومين كمان حتي تفوقي شوية.
رسمت بسمة علي محياها متقنة الصنع وقالت
_أنا كويسة ها يا بابا بكرة الصبح نسافر.
أومأ لها والدها متفهما الحالة النفسية التي تخالجها حاليا فقال
_حاضر يا حبيبتي روحي أنتي جهزي شنطة هدومك و نامي كويس عشان نمشي بعد صلاة الفجر في الروقان قبل زحمة المواصلات.
أجابت باقتضاب
_تصبحوا علي خير.
وذهبت إلي غرفتها فقالت والدتها بحنق
_أنت أي حاجة تقولك عليها البت حاضر ونعم! جري إيه يا محمد البت مش طبيعية مش شمس بنتي اللي عرفاها وبصراحة مش عايزاها تسافر عند أخواتك بحالتها دي.
طوي محمد الجريدة التي بين يديه ووضعها فوق المنضدة قائلا
_طالما ده هيخليها مرتاحة نفسيا فمفيش أي مشكلة أهم حاجة عندي راحتها ولو راحتها في آخر بلاد العالم هوديها ريحي أنتي بس نفسك وشيلي أخواتي وسلايفك من دماغك.
وأطلق زفرة بتأفف ثم نهض تاركا إياها تتمتم بكلمات توبيخ و توعد.
يسير في الردهة بترنح يحتسي الخمر من الزجاجة مباشرة وفي يده الأخرى سېجارة محشوة بخليط من المواد المخدرة.
_أنا حمزة السفوري اللي الكبير پيترعب مني قبل الصغير أبويا يقولي أهرب.
أشار إليه صديقه الثمل والمتمدد علي الأرض وجواره لفائف سجائر وزجاجات خمر قائلا له
_ياعم بقي أتهد وأقعد بقي من الصبح مصدع أمي وطيرت لي النفسين من نفوخي.
أستدار له الآخر وأطلق صوتا قذرا فقال
_هو أنا كنت بتكلم معاك يا حليتها أنا بتكلم مع نفسي.
_طيب ياريت تاخد نفسك وتركنوا في أي حتة بعيدة عني عشان مش ناقص صداع.
رمقه حمزة بوعيد وقال
_طيب يا روح خالتك من هنا ورايح شوف مين اللي هيشتري لك المزاج ولا الخمړة اللي بتطفحها دي و أبقي روح مد إيدك لمرات أبوك اللي مقشطاه أول بأول.
ضحك الآخر بتصنع وقال
_أي يا عم كنت بهزر معاك في إيه ياصاحبي أرغي براحتك ولا أقولك أحكيلي تاريخ وأمجاد عيلتكم.
حدق نحوه بنظرة دونية من أعلي إلي أسفل ثم قهقه حتي توقف وتحولت ملامحه إلي شخص آخر فقال لنفسه
_أبويا سابنا أنا وأمي لجدي وسافر الخليج عشان يشتري لنا بيت خاص بينا غير بيت جدي اللي كان مليان مشاكل وخاصة من عمي الو...
أغمض عينيه وهو يسترجع ذكري طفل في السادسة من عمره كان يبحث عن والدته بعد عودته من المدرسة وإذا به يفتح باب غرفة والدته الخاصة بغتة حتي رأي ذلك المشهد الذي ظل محفور بذاكرته عمه الذي كان بمثابة أبيه في أحضان والدته في وضع حميمي شهقت والدته وانتفضت من بين ذراعي شقيق زوجها وهي تردد
_يالهوي يالهوي يخربيتك يا هدي.
نهض من جوارها 
_بطلي ولوله وسبيني أنا هاتصرف معاه بنفسي.
أقترب من الصغير ونظرات عينيه تنضح بالړعب
حتي رأي بنطال الصغير قد تبلل وهو يتراجع إلي الخلف يستعد للهروب وقبل أن تتحرك قدميه إلي الخارج خطوة واحدة كان في قبضة هذا الۏحش كتم أنفاس الصغير وقام

بربطه في التخت ثم كمم فاهه بقطعة من القماش حتي لاتصل صرخاته إلي الجد القعيد في الردهة خارجا.
وبكل قسۏة و عدم إنسانية تناول عصا غليظة وهبط بها علي جسد الصغير بلا رحمة لم يكتف بذلك بل أمسك بالمقص والشفرة الحادة وأنهال علي رأس الصغير يقص خصلاته بعشوائية حتي أصبح رأسه حليقا ومليئة بالچروح والخدوش و برر فعلته لزوجة أخيه المتسمرة في مكانها وخشيت أن تصيح وتمنعه حتي لا يفتضح أمرها قال لها
_كده مش ها يقدر ينطق ولا يقول اللي شافه وحلقة راسه دي مش هتخليه يعتب بره باب الدار تاني.
و من تلك اللحظة تحول الصغير إلي شخص آخر قلبه مليء بالحقد والكراهية وبرغم امتناع
تم نسخ الرابط