إمرأة العقاپ بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز

 

 


مكنتش متوقعة إنها هتطلع نسخة حقېرة ومصغرة من أمها كدا
وثبت هو الآخر ثائرا وصاح بها منفعلا 
أسمهان الزمي حدودك واعرفي إنتي بتتكلمي عن مين الغل والحقد اللي في قلبك ده يكون بيني وبينك وتصفية حسابات لو حابة يبقى نصفيها مع بعض لكن بنتي خط أحمر
رمقته بنظرة ساخرة أخيرة قبل أن تردف بثقة 

انا قولت اللي عندي وإنت فهمتني
ثم استدارت واتجهت إلى خارج الغرفة بأكملها وتركته يشتعل بأرضه من الڠضب 
داخل مقر شركة أل الشافعي 
يجلس على مقعده أمام المكتب ويشاهد آخر تسجيلات كاميرات المراقبة على الحاسوب النقال وتقف بجواره ليلى التي تتابع كل التسجيلات الأخيرة وما لاحظه عدنان أن هناك تسجيلات محذوفة ترجع ليوم الثلاثاء منذ يومين بالضبط 
رفع نظره لليلى التي كانت تحدق بالحاسوب قاطبة حاجبيها باستغراب وقال بحزم 
في تسجيلات محذوفة ! 
سكتت لوهلة من الوقت تعيد تفاصيل يوم الثلاثاء في ذهنها بالكامل وفجأة لمعت عيناها وقالت مسرعة بحيرة 
أيوة صح في اليوم ده دخل مستر نادر المكتب ولما حاولت امنعه قالي إن داخل هيحط ملف مهم لحضرتك على المكتب عشان أول ما نرجع تشوفه وبعدها في آخر اليوم طلب مني يشوف التسجيلات بتاعت مكتب حضرتك
أظلمت عيناه بشكل مخيف وظل يتطلع إليها لبرهة من الوقت يحاول أن لا يدع الشك يتسرب إليه لكن كل ما يظهر أمامه من أدلة يشير إلى حقيقة واحدة ! 
عدنان بصوت غليظ ومريب 
متأكدة من الكلام ده يا ليلى ! 
ليلى بثقة تامة 
أيوة يافندم متأكدة حتى آدم بيه كان منبه عليا إن محدش يدخل مكتب حضرتك وأنت مش موجود وخصوصا
مستر نادر ولما حب يدخل وقولتله اللي قاله آدم بيه اتعصب ودخل ڠصب عني 
مسح عدنان على وجهه بعدم استيعاب وهناك صوتا في عقله يستمر بتأكيد ظنونه له لكنه لا يرغب بالإستماع أليه قبل أن يتأكد بنفسه وخصوصا أن نادر من أقرب الأشخاص لديه فعقله يجد صعوبة في تصديق أنه قد يكون المتسبب في هذا ! 
تمتم بنبرة محتقنة 
إنتي عارفة اللي بتقوليه ده معناه إيه لو طلع صح 
هزت راسها بإيجاب وتمتمت في خفوت 
أنا من رأى نتأكد الأول لأن ممكن يكون ملوش ذنب
استقام من مقعده واقفا وتحدث
إليها بلهجة صارمة ونظرة ثاقبة كلها قوة وجفاء 
لو اللي بنفكر فيه صح يبقى كل حاجة هتظهر أكيد 
المهم انتي هتدخلي مكتبه وهتدوري على الملف ده وهتراقبي كل تحركاته الفترة الجاية في الشركة وهتبلغيني بكل تفصيلة تشوفيها بس من غير ما نخليه يحس نهائي إننا شاكين فيه
اماءت لها ليلى بالموافقة وقالت برسمية 
تحت أمرك 
ابتعد من أمامها وتحرك باتجاه النافذة التي بطول الحائط ووقف أمامها واضعا كلتا قبضتيه في جيبي بنطاله مردفا بتفكير 
خلاص تقدري تتفضلي يا ليلى
تحركت نحو الباب بصمت تام وغادرت وتركته بين تساؤلاته التي تنهش عقله نهش ! 
في مساء اليوم 
يقود سيارته في طريقه إلى قصر الشافعي ويضع هاتفه أمامه يجرى عدة اتصالات بجلنار حتى يطمئن عليها لكن دون إجابة يستمر الهاتف في الرنين وبلا جدوى مرة واثنين وثلاثة والنتيجة نفسها ضيق عيناه باستغراب ممتزج ببعض القلق وعقله لا يتوقف عن توقع السوء 
أدرك أن لا مجال لراحة تفكيره ونفسه القلقة سوى الذهاب والاطمئنان عليها بنفسه 
غير وجهة سيارته واستدار بها عائدا إلى منزله الثاني 
بعد دقائق من القيادة السريعة توقف بالسيارة في المكان المخصص لها داخل المنزل وفتح الباب ثم نزل وقاد خطواته المضطربة نحو الباب الداخلي 
أخرج المفاتيح من
جيبه ووضعها في قفل الباب فانفتح دخل ثم أغلقه خلفه بهدوء ونزع حذائه بجانب الباب ثم سار نحو الداخل كان الهدوء يهيمن على المنزل كله والأضواء خاڤتة فقط هناك صوت بسيط ينبعث من الصالون تماما كصوت التلفاز تحرك نحوه بخطوات طبيعية وإذا به يراها جالسة على الأريكة المقابلة للتلفاز وتستند بكلتا يديها على ذراع الأريكة واضعة رأسها فوق ظهر كفيها ونائمة ووساقيها المكشوفان للركبة تفرد جزء منهم بجانبها على طول الأريكة 
بقى متسمرا مكانه للحظات يتطلع إليها بتمعن حتى أصدر تنهيدة حارة بارتياح واقترب منها بحذر ثم انحنى والتقط جهاز التحكم الخاص بالتلفاز واطفأه والټفت إليها ليعود وينحنى عليها قبل أن يمد إحدى ذراعيه أسفل منتصف ساقيها والآخر أسفل منتصف ظهرها ليحملها فوق ذراعيه ويسير بها إلى غرفتهم 
فتحت عيناها بخمول ورأت صورته مشوشة قليلا بسبب نعاسها لكنها أدركت أنه هو ودون أن تشعر وجدت نفسها تلف ذراعيها حول رقبته وتنحنى برأسها تدفنها بين ثنايا رقبته هامسة بصوت ناعس وغير واع دون أن تفتح عيناها 
بكرهك 
انزل نظره إليها يرمقها مطولا ثم يبتسم بساحرية وينحنى برأسه عليها هامسا بمشاكسة 
قولتيها كتير أوي لدرجة إني بدأت أشك
إن قصدك بيها العكس
سمعت همهمات خاڤتة بصوته الهاديء في أذنها لكنها لم تدرك أي شيء وكان النوم هو العامل الأكبر الذي يسيطر عليها الآن 
وصل بها إلى الغرفة واقترب من الفراش فانحنى ووضعها برفق شديد في المنتصف ثم جذب الغطاء ورفعه على جسدها يدثرها به جيدا وكانت ردة الفعل التلقائية منها أنها ضمت الغطاء إليها أكثر في شعور طبيعي بالدفء جلس على حافة الفراش بجوارها ثم مد أنامله وأبعد خصلاتها عن وجهها الجميل يتأمل جمالها الساحري 
تمعن ملامحها الهادئة يفحص إذا كانت آثار تحسسها من فاكهة الموز لا تزال على وجهها أم لا كان هناك تورم بسيط لا يلحظ بعيناها وكذلك شفتيها الوردية بالعادة هي تمتلك شفاه صغيرة وناعمة كالأطفال لكن تورمها بفعل الحساسية جعلها منتكزة تثير الفطرة الطبيعية اشاح بوجهه للجهة الأخرى يبعد نظره عنها بعدما احس بدنو استسلامه وضعفه أمامها وبتلك اللحظة تحديدا صدع صوت رنين هاتفه فانتفض في جلسته ومد يده بجيبه مسرعا ليخرجه ويكتم الصوت حتى لا يوقظها 
استقام وسار مبتعدا قليلا عن فراشها يجيب على الهاتف 
أيوة يافريدة 
وصله صوتها وهي تأن من الألم وتقول بنبرة متوجعة 
تعالى ياعدنان بسرعة أنا تعبانة أوي آاااه 
أجابها فور سماعه تأوهاتها المرتفعة 
حاضر مسافة الطريق وأكون عندك هجيب الدكتور معايا 
فريدة برفض مسرعة 
لا لا متجبش الدكتور تعالى إنت بس 
طيب 
انهى معها الاتصال واندفع مغادرا الغرفة وقبل أن يرحل توجه إلى غرفة صغيرته والقى نظرة عليها وهي نائمة في فراشها ثم دثرها بالغطاء جيدا وانصرف 
ظلت ممسكة بالهاتف بعدما انهت الاتصال معه وهي تحدق أمامها بغل وتتمتم بشړ يظهر في نظراتها
يلا خلينا نشوف هيروح يقعد عندك إزاي يابنت الرازي مبقاش أنا فريدة إما خليته واحدة واحدة هو بنفسه اللي يطلقك
ذهبت وانضمت إلى فراشها وتدثرت بالغطاء تستعد لتمثيل دور المړيضة عند وصوله حتى تكتمل كذبتها ! مرت دقائق طويلة قاربت على الساعة وهي بانتظاره وعيناها معلقة على ساعة الحائط وها هي تسمع صوت خطواته المميزة تقترب من الغرفة أخيرا فهرولت وعدلت من وضعية نومها وامسكت بمعدتها ورسمت على محياها علامات الألم والتعب وبعد ثواني انفتح الباب وظهر هو من خلفه تعمدت عدم النظر إليه واغمضت عيناها وهي متكورة بفراشها ! 
اقترب منها مسرعا وجلس بجوارها على الفراش ممسكا بيدها وهاتفا بقلق 
مالك يافريدة 
أجابته بخفوت 
كنت تعبانة وكان جسمي كله متكسر ومعدتي كانت بتآلمني أوي
مد يده إلى جبهتها يتحسس حرارة جسدها فوجدها طبيعية أردف بريبة 
حرارتك مش عالية ! 
فريدة بتوضيح مضيفة القليل من البهارات على كذبتها 
الحرارة ممكن تكون من الداخل بس أنا اخدت علاج قبل ما إنت
تيجي وبقيت كويسة شوية الحمدلله
علاج إيه ده ! وإزاي تاخدي حاجة من نفسك يافريدة ! 
كانت جملته تحمل الانفعال والاستياء فردت هي عليه بهدوء 
متقلقش ياحبيبي أنا متعودة باخده دايما لما بتعب كدا
رمقها بنظرة مطولة ثم أخرج هاتفه من جيب بنطاله وهم بالاتصال بالطبيب فأمسكت بيده وقالت وهي تعتدل جالسة 
أنا بقيت كويسة شوية
صدقني مش مستاهلة دكتور لو كنت تعبانة أوي زي قبل ما تيجي كنت هخليك تكلمه 
تفحص معالم وجهها لثواني ثم انزل الهاتف مستسلما ومد يده إلى وجنتها يملس عليها بحنو هامسا 
طيب اتعشيتي ولا لسا 
هزت رأسها بالإيجاب ثم لفت ذراعيها حول رقبته وقالت بدلال أنوثي 
أنا آسفة عارفة إني ضايقتك كتير الأيام اللي فاتت مني وكنت غلطانة بس وعد كل اللي حصل ده مش
هيتكرر تاني ووعد إني هرجع فريدتك وحبيبتك تاني وهعوضك عن فترة الخلافات اللي كانت بينا دي
ابتسم بلؤم يليق به ثم استطرد بجملة غير متوقعة تماما 
فريدة هو إنتي تعبانة بجد ! 
استغربته واستقرت بعيناها نظرة حائرة حتى فهمت ما يرمي إليه فقررت أخيرا آثر الحقيقة وقالت بهمس به لمسة خبيثة 
الصراحة لا بس بما إننا يعتبر كنا مټخانقين فمكنش في طريقة اخليك تيجيلي بيها غير دي للأسف وأعتقد إن إنت كنت عند جلنار مش كدا 
إنتي من إمتى بقيتي تغيري منها ! 
فريدة بنظرة شرسة 
من وقت ما بدأت أحس إنها بقت تشاركني فيك فعلا
مالت شفتيه لليسار في ابتسامة مداعبة ثم انحنى عليها يهمس أمام وجهها ببحة 
خلينا نفترض إن
كلامك صح هل ده هيغير حاجة 
تصنعت عدم الفهم وعزمت على أن تكون الليلة هي ليلتهم وتبادر هي ببدأها 
يعني ! 
يعني بحبك يافريدتي
ليلة أخرى ستكون فيها معه جسد فقط بلا روح تستغل الفرص المعطاة لها حتى تحافظ على زواج لا تريده سوى للمصلحة تظهر الحب والوفاء لزوج وټطعنه بشرفه في الظهر ورغم كل هذا تتقرب منه كأسلوب منحدر منها حتى تمنعه عن التفكير بغيرها وتظل هي المهيمنة والآمرة ولا ينهدم ما قامت ببنائه لسنوات ! 
في تمام الساعة الثالثة فجرا 
صدع صوت رنين هاتفها على المنضدة الصغيرة المجاورة لفراشهم فوثبت كمن لدغه عقرب والتقطت الهاتف مسرعة وكتمت صوت الرنين حتى لا يستيقظ القت عليه نظرة دقيقة وقد كان متسطح على ظهره واضعها كلتا كفيه أسفل رأسه دققت النظر في وجهه أكثر لتتأكد من انغماسه في النوم ثم تسللت من الفراش بحذر شديد كلص والتقطت الروب الطويل ترتديه فوق قميص النوم القصير جذبت الهاتف معها وسارت على أطراف أصابعها إلى خارج الغرفة حتى تجيب على الهاتف 
بمجرد ما أن فتحت الباب وخرجت فتح هو عيناه دفعة واحدة كالذئب المترصد لفريسته بقى معلقا نظره على السقف للحظات وانفتح فمه قليلا بانحناءة مرعبة ولسانه بدأ يسير على ضروسه العلوية في عينان حمراء كالدم ونفس ثائرة على وشك أن تعلن قيام عاصفتها المدمرة يستمع إلى همهاتها القادمة من الخارج وهي تتحدث في الهاتف ويزداد ثورانه 
مد يده إلى الغطاء وأبعده پعنف عن جسده ثم استقام من الفراش وتحرك باتجاه الباب رآها تقف على مسافة قصيرة من الغرفة مولية ظهرها للباب تحرك نحوها في خطوات من شدة هدوئها وترصدها لم تشعر به ولحسن حظها أنها كانت تنهي اتصالها مع نادر بعدما كان يخبرها بأمر هام يخص الملفات الذي أخذها من مكتب عدنان 
أنهت معه الاتصال واستدارت بجسدها
 

 

 

تم نسخ الرابط