إمرأة العقاپ بقلم ندى محمود
المحتويات
محدثة أم سلامة وهي تحاول التملص منها
طاب إيه رأيك أنا هوريكي التربية اللي على حق
تمكنت من التملص من الشابة التي تمسك بها واندفعت نحو أم سلامة التي
كانت في بداية العقد الخامس من عمرها وجذبتها من حجابها صائحة بأسلوب الحواري التي ترترعت به
عارفة لو سيرة أمي جات على لسانك ال ده تاني هكون قطعهولك أصل إنتي ست عايبة وبجحة ومفيس راجل عرف يحكمك
بدل ما تتشطري عليا روحي داري على فضايحك وسيرتك اللي على كل لسان دي
صاحت بها سيدة متقدمة في العمر
جرا إيه يا أم سلامة كفاية خلاص ميصحش اللي بيتعمليه ده
ثم أمسكت بذراع مهرة تجذبها معها عنوة إلى خارج الحشد الذي تجمع على أثر المشاجرة العڼيفة بينما مهرة فكانت عبارة عن قنبلة موقوتة والسيدة التي تمسك بها هامسة في خفوت ولطف محاولة تهدئتها
مهرة بحړقة
إنتي مسمعتهاش بتقولي إيه
ياحجة أمينة !
سمعتها يابنتي بس انتي غلطانة مكنش ينفع تردي عليها أصلا وكنتي سبتيها ومشيتي
يعني تغلط فيا وفي أهلي واسكتلها !!
هرول إحد الأطفال خلفها وهو يحمل أكياسها ويقول بحب بريء
هتفت أمينة بحزم وهي تجاهد في إخفاء ابتسامتها
هات الكياس دي وامشي ياولا بلاش لسان طويل
جذبت منه الأكياس واعطتها لمهرة وهي تقول بحنو وعذوبة
خدي يلا يامهرة وروحي لجدتك يابنتي وفكي وشك كدا عشان فوزية متحسش بحاجة لأحسن ممكن يجرالها حاجة لو عرفت باللي حصل
حاضر ياحجة أمينة اطمني أكيد مش هقولها وشكرا بجد
إنتي زي بنتي يامهرة متقوليش كدا
اقتربت منها مهرة وعانقتها بود ثم التقطت الأكياس منها وسارت متجهة نحو منزلها وهي تشد على محابس دموعها فما سمعته كان ثقيل جدا رغم أنها أظهرت القوة أمام الجميع
داخل مقر شركة أل الشافعي تحديدا بمكتب عدنان
ردت عليه برسمية شديدة وارتباك خصوصا أنها الأيام الأولى لها بالعمل
لا يافندم لسا موصلش
انتبه لنبرة الصوت المختلفة والغير مألوفة عليه فرفع نظره لها وحدقها بنظرة دقيقة
وقوية ثم تمتم بخشونة
إنتي مريم مش كدا
هزت رأسها بإيجاب في اضطراب واضح فالتقط أحد الملفات التي أمامه ومده لها وهو يهتف بنبرة صارمة وجدية يجيب عليها
طيب وصلي الملف ده لمستر نادر وقوليله يخلصه خلال ساعة ويبعتهولي فورا
التقطت منه الملف وتمتمت بالموافقة وهي تهز رأسها
حاضر يافندم
ثم استدارت واتجهت نحو الباب وانصرفت بينما هو فعاد يستأنف عمله لكن محفظة نقوده الخاصة الصغيرة سقطت من فوق المنضدة فانحنى ليتلقطها ولكنه رأى صورة تجمعه مع ابنته وجلنار كان محتفظ بها وسقطت من حافظته على الأرض وضع المحفظة على المنضدة والتقط الصورة ثم اعتدل في جلسته وتأمل في ملامح وجه صغيرته الذي يحملها على ذراعيه وهي تضحك بسعادة وشعرها القصير يتطاير من حولها بفعل الهواء أما جلنار فكانت ترتدي فستان طويل أبيض اللون وتضع فوق شعرها قبعة دائرية من اللون النبي حتى تحجب أشعة الشمس عن رأسها وتقف بجانبه وعيناها متعلقة على ابنتهم تنظر لها وتضحك معها بحب أما هو فما يتذكره أنه نظر لها وابتسم على ضحهكم ومن الواضح أن المصور قد استغل الفرصة وقام بالتقاط الصورة في هذا الوضع العائلي الدافيء
كانت هذه الصورة منذ سنة ونصف تقريبا عندما ذهبوا لأول مرة في رحلة قصيرة لأحد المدن الساحلية مرسى مطروح وقضوا أكثر من أسبوع بها كانت إجازة ممتعة ولطيفة وسط زيارتهم لكل مكان في المدينة وحتى تسوقهم لمحلات الملابس والمحلات النسائية لم ينساها حيث حرص على أن تقوم بشراء كل ما تشتهيه مصرحا لها أن الاسبوع كان لها هي وصغيرته فقط في كل شيء وكل ما تطلبه هو أمر وينفذ وقاموا بالتقاط هذه الصورة أمام الشاطيء عندما كانوا يسيرون في الصباح أمام البحر ووجدوا بالصدفة شابا يحمل كاميرا
ويقوم بالتصوير لكل من يرغب ويتذكر حينها إن هنا أصرت على أن يلتقطوا صورة فلم يتمكن من رد طلبها كالعادة
غاب عن الواقع للحظات يتذكر جزء من ذلك الموقف أثناء سيره معها على الشاطيء
كانوا يسيران على شاطيء البحر والماء ترتطم بقدميهم بفعل المد والجذر بينما هنا فكانت تركض أمامهم وتلعب بالماء بقدميها الصغيرتين كان يسير واضعا كفيه في جيبي بنطاله وهي تتنقل بعيناها بين البحر تارة وبين ابنتها تارة أخرى تتابع فرط سعادتها وهي تضحك باللعب في الماء فقالت بتلقائية محدثة إياه وهي تبتسم بعاطفة أمومية جميلة
واضح إن هنا مبسوطة جدا من Holiday دي
عدنان بابتسامة جانبية وهو ينظر لها بتعجب
هي هنا بس اللي انبسطت يعني !
طالعته بابتسامة هادئة وقالت في خفوت ورقة
لا وأنا كمان ياعدنان خصوصا إن دي أول مرة احس باهتمامك بيا
ومش هتكون آخر مرة يارمانتي كل ما يكون معايا وقت فاضي من الشغل
هختلس يومين ونطلع في إجازة لطيفة زي دي تاني
رمقته بنظرة جانبية وهي تبتسم على وصفه الدائم لها بالرمانة فهم مقصد نظرتها
معايا رمانة ټخطف العقل من جمالها
خجلت ربما لأنها ليست معتادة على سماع مثل تلك الكلمات منه بل لا تتذكر أنه قام بمغازلتها منذ زواجهم سوى مرتين أو ثلاثة وهذه قد تكون الرابعة !
عاد إلى الواقع مرة أخرى متنهدا بقوة كانت هذه هي آخر اللحظات اللطيفة بينهم وما كان بعدها حتى الآن ماهو إلا شجار وجفاء مستمر عندما بدأت فجأة في التذمر من غيابه الدائم وإهماله وشجار بآخر أوضحت عن رغبتها الصريحة في الطلاق وأصرت عليه فساءت العلاقة بينهم أكثر فجأة بشكل غريب وانتهى المطاف بهروبها بابنته بعدما وافق على الطلاق بسبب الحاحها ولكن كانت شروطه واضحة حول بقاء صغيرته معه فلجأت للهروب كطريق للفرار من الاتفاق الدنيء كما وصفته !
ارتفع صوت رنين هاتفه الصاخب فجذبه وأجاب على المتصل
الو
أيوة ياعدنان بيه كاميرات بوابة القصر اللي عطلت انتهى إصلاح التلف اللي فيها كله دلوقتي
هتف عدنان بصوت رجولي قوي
العطل ده حصل لوحده ولا في حد عمل كدا
للأسف العطل كان واضح جدا إن في حد كان قاصد يتلف الكاميرا ويوقفها
عدنان بصوت يحمل بعض الزمجرة
طيب اقفل وابعتلي آخر التسجيلات كلها اللي كانت عليها قبل العطل
انهى معه الاتصال فورا ثم جذب حاسوبه المتنقل الخاص به وفتحه وانتظر لدقائق حتى وصلت له رسائل بالفيديوهات الأخيرة لتسجيلات الكاميرا قام بمشاهدتها جميعها ولم يكن بها شيء سوى إنه لاحظ خروج فريدة كل يوم بموعد مختلف وعودتها بعد ساعات ليست بقليلة وآخر تسجيل كان في مساء الأمس للحارس الخاص بالمنزل وهو يتحدث
مع رجل ملامحه ليست واضحة جيدا ثم بدأت الصورة تهتز حتى انقطت تماما
اعاد التسجيل الأخير لأكثر من مرة وقام بالتقريب على وجه الرجل في محاولة لرؤية ملامحه المبهمة ولكن دون فائدة !
اغلق الحاسوب وهو يحك ذقنه الكثيفة في عينان حمراء من فرط الڠضب من جهة خروج زوجته المتكرر بشكل يثير الريبة متجاهلة تعليماته في عدم الخروج دون إذنه ومن جهة ظهور ذلك الرجل الغريب وتوقف الكاميرا فجأة كيف توقفت ! هناك شيء مبهم وغير مفهوم بهذا الأمر ولن يطول كثيرا إلى أن يعرف كل شيء وهوية ذلك الرجل وماذا يريد !
في مساء ذلك اليوم
توقفت سيارته أمام بوابة المنزل ونزل ثم قاد خطواته إلى الداخل وكان الهدوء يملأ القصر بأكمله تحرك باتجاه الدرج وصعد درجاته في خطا قوية ثم اتجه إلى غرفته وعند وصوله وقف أمام الباب للحظة يحاول تهدئة نفسه الثائرة منذ صباح اليوم فهو يعلم جيدا أنه سيجدها مستيقظة بانتظاره
مد يده وفتح الباب ثم دخل وأغلقه خلفه ببطء مريب وكانت هي تجلس على المقعد الخاص بها المقابل للمرآة تابعته وهو يدخل وينزع عنه سترته ليعلقها في حاملة الملابس الخشبية بينما فريدة فظلت تتابعه بعيناها الڼارية والمغتاظة فخرج صوتها ساخرا وملتهب
كنت عندها أكيد !
يتجاهلها عمدا فإذا حرر الۏحش الذي ېصرخ في أعماقه حتى يخرج فستحدث كوارث منذ أن رأى تسجيلات الكاميرا بالصباح وهو عبارة عن جمرة من النيران الملتهبة وتنتظر الفرصة لتمسك بأى أحد
هبت واقفة واقتربت منه تهتف پغضب
أنا بكلمك ياعدنان
رمقها بنظرة قذفت الړعب في أوصالها ثم وقف على قدميه وتقدم خطوة إليها حتى أصبح أمامها مباشرة وغمغم بنبرة تحمل الخفوت المرعب
هو أنا تعليماتي شفافة وكلامي ملوش لزمة !
فريدة بثبات مزيف
تعليمات إيه !
عدنان بوجه محتدم وهمس كان كافي لبث الړعب في قلبها
كنتي بتطلعي بتروحي فين في غيابي يافريدة
تحولت من وضع الھجوم إلى الدفاع وظهر على محياها الاضطراب الذي حاولت إخفائه بصعوبة
وابتلعت ريقها ثم تمتمت بتوتر ملحوظ
مكنتش بروح مكان !
بحركة عفوية رفع حاجبه مستغربا وتمتم باسما باستنكار
بتكذبي عليا كمان !!!! من إمتى وإنتي بتكسري كلمتي أو بتكذبي وتخبي عني !
فريدة بحنق وانفعال كوسيلة لمحاولة إخفاء توترها
اخبي عنك إيه ياعدنان !! بعدين إنت سبت اللي عملته جلنار معايا الصبح ومن غير ما تحاسبها ولا تقولها أي حاجة اخدتها ومشيت وسبتني
خرج عن إطار هدوئه وصړخ بها بصوته الرجولي الجهوري
احنا دلوقتي في إيه عشان تقوليلي جلنار ! اللي إنتي أصلا غلطانة واللي قولتيه مغلطتيش فيها قد ما غلطتي فيا أنا
أصابتها وغزة بسيطة بجسدها من صرخته وهتفت بذهول وعدم تصديق
إنت بتزعقلي عشانها ومهتمتش
إنها رفعت إيدها عليا قدامك
تراخت عضلات وجهه وجسده ليقف في سكون يطالعها بنظرة ثاقبة وحادة تتهرب من الإجابة ومن السبب الرئيسي لأنفجار بركانه وتحاول الهائه بحاډثة الصباح بينها وبين جلنار أصبح الآن متيقنا أن بها شيء ليس طبيعي !
خرج صوته هادئا تماما على عكس نبرته السابقة ونظرته
كانت مبهمة لكنها لا تبشر بالخير
متتذاكيش عليا إنتي عارفة إن الحركات دي مبتخيلش عليا بس أنا هطنش كمان المرة دي بمزاجي وخليكي فاكرة
متابعة القراءة