إمرأة العقاپ بقلم ندى محمود
المحتويات
وتحملت فريدة لسبع سنوات بل وتظاهرت بالود والحب معها فقط حتى لا تخسر ابنها لكن الآن هي على يقين أنها إن لم تتخلص من الأفاعي المحيطة به فبالتأكيد ستخسره بالفعل !
ستخلصه من جشع تلك الفقيرة فريدة وكذلك مكر ابنة الرازي ومن ثم ستزوجه هي من امرأة يستحقها تكون له خير الزوجة والأم وكذلك امرأة تليق بمركز عائلتهم الكبيرة ومركزه !
فريدة تخرج من الباب الخلفي للسيارة وهي ترتدي نظارة شمس وملابسها الفخمة وتتجه نحو الداخل فابتسمت أسمهان بمكر وهي تهمس
كان لازم تاخدي حذرك الأول قبل ما تعرفي بتلعبي مع مين يابنت الخدامة استحملت قرفك كتير عشان ابني بس لغاية هنا وكفاية جهزي نفسك عشان الأيام الجاية دي آخر أيامك في العز وبعدين هترجعي للشارع والژبالة اللي جيتي منها
روحت فين بس ياعدنان ! ياخوفي لتكون لقيت اللي ما تتسمى بنت نشأت !
وصلت زينة إلى منزل خالتها بعدما طلبت منها أن تمر عليها وهي ذاهبة للمنزل لبت طلب خالتها على مضض حينما توقعت نوع الحديث الذي تريد مشاركتها فيه فهي منذ أيام تحاول التعافي من مشاعرها الوهمية وليست في حالة تسمح لها بالانخراط مجددا في أوهامها أو مجرد لمعة أمل بسيطة تدفعها إليها خالتها بكلماتها التي لا فائدة منها
الأريكة وسألتها بريبة
مالك يازينة !
مليش ياخالتو مرهقة شوية بس
آدم زعلك في حاجة !!
رمقتها زينة بيأس وتمتمت لأول مرة بصوت مبحوح دون خجل أو ارتباك كعادتها
خالتو بليز متكلمنيش عن آدم أنا وإنتي عارفين إنه مبيحبنيش ومش هيحبني
تنهدت أسمهان وقد ظهرت القوة على ملامحها فقالت بنظرة جانبية لئيمة
وقع أثر جملتها على أذنها وقع الرعد حيث حدقت بخالتها في صدمة امتزجت بالفرحة الداخلية والأمل الذي سرعان ما عاد يلمع في عيناها وهي تهتف بتلهف
وعدم تصديق
هو قالك إنه
بيحبني !
ضحكت أسمهان وقالت بهدوء في نظرة تنضج بالخبث
مقالش وحتى لو مبيحبكيش بس أنا عارفة ابني كويس وعارفة هو بيعزك إزاي يعني لو استغليتي النقطة دي لصالحك هتكسبي قلبه بسهولة وآدم مش زي عدنان خالص آدم بأبسط الأشياء والأفعال تقدري تكسبيه وتخليه يحبك
أنا مش في باله أساسا ياخالتو وخلاص مبقيش عندي طاقة أحاول تاني حاسة إني بهين نفسي ومش بعيد يكون بيحب واحدة تاني عشان كدا مش ملتفت ليا خالص
أسمهان بحزم ونبرة جادة
وفكرك إني هقبل إنه يتجوز واحدة غيرك
زينة بابتسامة منطفئة
أنا اللي مش هقبل لو مكنش بيحبني
أسمهان بثقة وعينان كلها خبث
هيحبك متقلقيش
لم تنظر لخالتها فقط استمرت في التحديق بالفراغ أمامها في بؤس وتحاول منع الأمل من التمكن منها من جديد حتى لا تعطى لنفسها آمال واهنة مبنية على حججة وهمية !
رنين الهاتف لا يتوقف منذ لحظات وهو منشغل بآخر التجهيزات لافتتاح معرضه الذي سيكون بعد يومين لكن الرنين الصاخب يشتت ذهنه وبدأ يزعجه فترك ما بيدها واتجه نحوه والتقطه وكان على وشك أن يجيب على المتصل
بعصبية وانفعال لكنه هدأ فور رؤيته لاسم أخيه يصدح على الشاشة أجاب مسرعا وتمتم
إيه الأخبار يا Boss
عدنان بصوته الخشن
أنا وصلت مصر وجاي في الطريق إنت فين
آدم باندهاش بسيط
وصلت مصر ! طيب اتصل بيا حتى وقولي على العموم أنا في المعرض
جبت سيرة لماما ولا فريدة على حاجة
هتف آدم ضاحكا بخفة
عيب عليك أصلا ماما كل يوم بتسألني عليك وأنا بسببك هتحدف في ڼار جهنم من الكدب اللي بكدبه عليها
ثم استكمل وهو يسأله بجدية واهتمام هذه المرة
المهم طمني جلنار وهنا كويسين
كان يقف مستندا بظهره على السيارة فالټفت برأسه للخلف حيث كانت جلنار تجلس في المقعد المجاور لمقعده الخاص بالقيادة بينما صغيرته فقد غفت بالمقعد الخلفي ونامت عاد يشيح بنظره عنهم وأجاب على آدم
كويسين استناني في البيت عشان عايز نتكلم شوية
آدم باقتصاب بسيط ممزوج بمرح
لازم دلوقتي !
انتصب عدنان في وقفته والټفت حول السيارة ليفتح باب مقعده ويجيب على أخيه بصرامة
دلوقتي يا آدم سلام
اغلق الاتصال واستقل بالسيارة بجوارها وسط نظراتها الدقيقة له وهي تقول بخفوت
آدم ده
رد عليها دون أن ينظر لها في صوت أجش
امممم هنروح عند ماما الأول عشان تشوف هنا وبعدين هوديكي البيت
اشتعلت نيران
الغيظ في عيناها فهتفت في صوت حاولت خفضه
مش هروح البيت ده أنا مامتك عايزة تشوف هنا يبقى تاجي في بيتي
هتروحي ياجلنار أنا مش بخيرك بعدين هما كلهم كام ساعة وهتمشي
جلنار بعصبية وتصميم
ولا دقيقة حتى مش كفاية هستحمل مامتك كمان هستحمل فريدة وحركاتها المستفزة
عدنان ببرود تام
خلاص يبقى اوصلك البيت واخد بنتي واروح بيها تشوف جدتها
ضحكت ساخرة وقالت بشراسة
بنتي مش هتبعد عني لحظة واحدة أنا إيه اللي يضملي إنك تاخدها ومترجعهاش ليا تاني أو مراتك الحرباية دي تعمل حاجة في بنتي
استقرت في عيناه نظرة متقدة حدقها بها لكنها لم تكترث وهتفت باستهزاء
إيه لتكون اضايقت عشان غلطت في سفيرة الأفاعي بتاعت سيادتك !
أوقف السيارة جانبا وانحنى بوجهه عليها يهمس في نبرة مريبة وڠضب مكتوم
أنا مش عايز اتعصب واعلي صوتي عشان البنت نايمة خلي يومك يعدي علي خير ويا تيجي معايا من غير كلام كتير يا تروحي على البيت وتستنينا هناك
صرت على أسنانها بغيظ تحاول تمالك أعصابها وهي تطيل النظر في وجهه وبالأخص عيناه القاسېة فبادلته نظرته القاسېة بأخرى خالية من المشاعر فقط البغض الذي يظهر بينما هو فهدأت نفسه الثائرة قليلا وقال وهو يعود وينتصب
في جلسته ليبدأ في تشغيل محرك السيارة من جديد
أفهم من سكوتك ده إنك هتيجي خلاص
لم تجيبه فقط ظلت ټضرب بمشط قدمها على أرضية السيارة في شكل متتالي بغيظ واحتدام جعل وجنتيها البيضاء إلى حمراء واستمر اهتزاز قدمها هكذا للحظات طويلة وهو يتابعها بعيناه حتى وجدته يضع كفه على فخذها يمنعها من الحركة أكثر ويقول بحدة
اثبتي عصبتيني !!
دفعت يده عن جسدها ورمقته بنظرة شرسة لم تغضبه بقدر ما أعجبته وجعلته يبتسم بتلذذ وكانت صيحتها المنذرة فور نظرتها تماما
قولتلك مليون مرة متلمسنيش
رمقها بنظرة جانبية في ابتسامة كانت شبه باردة لكنها في الحقيقة تضمر خلفها سخط مكتوم ووعيدا لها حين ينفرد بها بمنزلهم ستكون قد حانت لحظة عقابه الحقيقي لها !
في مساء اليوم وفقا لفرق التوقيت بين مصر وكاليفورنيا
كان بإحدى الحانات المشهورة يجلس على المقعد المرتفع أمام البار وبيده كأس قصير بيضاوي يمده إلى الشاب الذي يقف على البار فيملأ جزء صغير منه ليعود هو بالكأس إلى فمه
ويبتلع النبيذ كله دفعة واحدة
لا يأتي إلى هنا إلا نادرا واليوم شعر بأنه في حاجة ليتغيب عن الواقع لساعات ويتناسى همومه وصلته الأخبار برحيلها صباح اليوم معه لم تخبره حتى ومنذ آخر مقابلة بينهم أو بالأحرى منذ عودة ذلك الشيطان لم تسأل عنه وتجاهلت وجوده تماما هل كل ما فعله من أجلها ذهب هباءا هكذا بلحظة واحدة ! لكنه هو المخطئ كان عليه أن يتفهم من البداية حنينها وعشقها الدفين للرجل الذي كان سببا في ټدمير زهرته المتفتحة هو من أوهم نفسه ومنح ذاته آمال حمقاء مثله وصدقها والآن يتسكع ويتخبط في أحزانه الساذجة كما وصفها !!
بدأ يفقد توازنه شيئا فشيء وكذلك وعيه من فرط كمية النبيذ التي تناولها وكان على وشك أن يمد الكأس مرة أخرى حتى يملأه له لولا اليد الرقيقة التي قبضت على رسغه أولا ثم انتزعت الكأس من قبضته وهتفت في عتاب باللغة
الإنجليزية
حاتم لقد بحثت عنك بكل مكان ماذا تفعل هنا !
رفع نظره لها وابتسم ببلاهة ثم أمسك بالكأس مرة أخرى ورفعه أمامها يريها ما الذي يفعله وهم بأن يقربه من فمه لكنها انتشلته من يده بحدة وقالت
يكفي يبدو إنك شربت كثيرا هيا سأصطحبك للمنزل
أجابها بصوت ثملا بعدم اكتراث وهو برفض النهوض
سأبقى لبعض الوقت اذهب إنت
اخرجت من حقيبتها نقودا ودفعتهم لصاحب الحانة ثم أمسكت بذراع حاتم تساعده على النهوض وهي تهتف پغضب
هيا سنذهب لن
اتركك أكثر من ذلك ستؤذي نفسك
نهض من على المقعد وسط جذبها له وبمجرد وقوفه اختل توازنه وكان على وشك السقوط لولا أنها لحقته ليستند عليها وسارا معا للخارج
همهم في نبرة مهمومة
ذهبت وتركتني !
لم تجيب عليه فقط ظلت تحاول مساعدته على السير حتى لا يسقط وتتجه به نحو سيارتها حتى اصبحا على بضع خطوات صغيرة منها فسمعته يهتف للمرة الثانية بعدم وعي وهو يبتسم بابتسامة لعوب
إنت جميلة جدا اليوم ما رأيك في أن نقضى بعض الوقت اللطيف معا !
رفعت رأسها لها وحدقته بدهشة ثم قالت بابتسامة جانبية في حدة متحدثة بلغتها الأم اللبنانية
ما راح حاسبك هلأ مشان شكلك مو بوعيك أبدا بالصبح بس تفيق بيكون النا كلام تاني
قهقه بخفة ثم وصلا إلى السيارة ففتحت هي باب المقعد الخلفى وساعدته على الدخول والجلوس وقبل أن تغلق الباب وتتجه إلى مقعد القيادة
الخاصة بها هتف هو يستكمل كلماته الغير واعية وهو يغمز
لن اتركك اليوم فليكن بعلمك !
أجابته بغيظ محاولة كتم ابتسامتها من كلامه الغريب
اصمت ولا تجعلني اندم على قدومي إليك ياوقح
ثم أغلقت الباب واتجهت إلى مقعدها وحركت محرك السيارة منطلقة بها نحو منزله الخاص بينما هو فأرجع رأسه للخلف واغمض عيناه بعدما بدأ النوم يصعد لعيناه ولا يستطيع مقاومته
خرج نادر من مكتبه وقاد خطواته نحو مكتب عدنان وقف أمام المكتب والټفت برأسه يمينا ويسارا يتأكد من عدم ملاحظة أحد له فمد يده وهم بأن يمسك بالمقبض لولا الصوت الأنوثي الذي استوقفه فالتفتت بجسده للخلف ناحيتها لتهتف الفتاة في تعجب
نادر هو إنت داخل مكتب عدنان بيه ليه !
رفع حاجبه مستنكرا سؤالها وأجابها بحزم وغطرسة
نعم !
الفتاة في رسمية وجدية
مستر آدم منبه إن محدش يدخل مكتب عدنان بيه طول ما هو مش موجود
نادر بأعين ساخرة وشرسة وغير مكترثا بما قالته
وأنا مش أي حد يا ليلي ياحبيبتي الأوامر
متابعة القراءة